الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

من أسرار القرآن 10


من أسرار القرآن 10


الاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه
‏‏ والنخل باسقات لها طلع نضيد‏
‏*(‏ ق‏:10)*‏

بقلم الدكتور‏:‏زغلول النجار




هذه الايه الكريمه جاءت في الربع الاول من سوره‏(‏ ق‏),‏ وهي سوره مكيه‏,‏ وعدد اياتها‏(45)‏ بعد البسمله‏,‏ ويدور المحور الرئيسي لها حول قضيتي الوحي الخاتم‏,‏ والبعث القادم‏,‏ وانكار كل من الكفار والمشركين لهما في زمن الوحي‏,‏ والي وقتنا الراهن‏,‏ وحتي قيام الساعه‏.‏ ولذلك تستهل السوره بقسم من الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالقران المجيد والله غني عن القسم لعباده ثم بالعديد من الايات الكونيه الظاهره والداله علي طلاقه القدره الالهيه المبهره في خلق الكون وجميع ما فيه ومن فيه‏,‏ والداله كذلك علي ان الخالق المبدع قادر علي افناء الخلق‏,‏ وعلي اعاده بعثه من جديد‏,‏ وكانت قضيه البعث منذ الازل هي حجه الكفار والمشركين والضالين المتشككين‏,‏ انطلاقا من فساد عقائدهم‏...!!‏
وتتحدث سوره ق بعد ذلك عن حركه الحياه والموت‏,‏ وتحلل الاجساد وبلاها‏,‏ ثم بعثها وحشرها وحسابها‏,‏ وجزائها كما تتحدث عن ارهاصات الساعه‏,‏ وعن رقابه الله‏(‏ تعالي‏)‏ علي كل نفس‏,‏ وهي رقابه لاتغفل‏,‏ ولاتغيب ابدا‏...!!‏

وتتعرض هذه السوره المباركه ايضا لموقف من مواقف الكفار والمشركين والظلمه المتجبرين علي الخلق في يوم القيامه‏,‏ ومحاولاتهم التنصل من جرائمهم بالقاء التبعه في ذلك علي قرنائهم من شياطين الانس والجن‏,‏ ورد قرنائهم علي ادعاءاتهم‏,‏ وبيان ان خاتمه هذا الجدل هي القاؤهم جميعا في نار جهنم‏,‏ في الوقت الذي يكرم الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ الصالحين من عباده بادخالهم في جنات النعيم‏.‏
وتوصي سوره ق خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ومن تبعه من المؤمنين بالصبر علي اذي كل من الكفار والمشركين والضالين التائهين من اصحاب العقائد الفاسده‏,‏ والديانات المحرفه‏,‏ الذين لم يعتبروا بمصائر المكذبين من الامم السابقه عليهم‏,‏ وما اصاب تلك الامم من دمار بسبب كفرهم بالله‏(‏ تعالي‏)‏ او شركهم به‏(‏ سبحانه‏)‏ وتكذيبهم لانبيائه ورسله‏.‏

وتوصي هذه السوره المباركه بالثبات علي عباده الله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ وحده‏(‏ بغير شريك‏,‏ ولاشبيه‏,‏ ولامنازع‏,‏ ولاصاحبه‏,‏ ولا ولد‏)‏ لان ذلك كله من صفات المخلوقين‏,‏ والله منزه عن صفات خلقه‏.‏
وتؤكد سوره ق ان دور الرسول الخاتم‏(‏ عليه افضل الصلاه وازكي التسليم‏)‏ هو التذكير باوامر الله ونواهيه دون جبر‏,‏ او اكراه‏,‏ او تعنت‏,‏ لان اصلا من اصول الاسلام العظيم انه لا اكراه في الدين‏.‏

وتبدا هذه السوره المباركه بحرف من الحروف الهجائيه المقطعه وهو الحرف قاف‏(‏ ق‏),‏ وهي المره الوحيده التي استهلت فيها احدي سور القران الكريم بهذا الحرف الذي اتبع بقسم بالقران المجيد اي الكريم علي الله‏(‏ تعالي‏),‏ تعظيما لشانه‏,‏ وذلك لان الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ غني عن القسم لعباده‏,‏ وحذف جواب القسم الذي مضمونه‏:‏ اقسم بالقران المجيد الذي انزلناه اليك يامحمد لتنذر به الناس كافه‏,‏ انه الحق المطلق من الله الخالق‏,‏ ودلاله ذلك الايه التي جاءت بعد القسم‏:‏
ق والقران المجيد‏
S‏ بل عجبوا ان جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب‏S
‏(‏ ق‏:2,1).‏

والايه تشير الي تعجب كفار قريش ومشركيهم من اختيار الله‏(‏ تعالي‏)‏ لخاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ من بينهم‏,‏ والايه التاليه تذكر استبعادهم لعمليه البعث بعد الموت وبعد ان تبلي الاجساد وتتحلل الي التراب‏:‏
ائذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد‏
S(‏ ق‏:3)‏
وترد الايه التاليه بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ‏
S(‏ ق‏:4)‏

اي قد علمنا ما تاكل الارض من اجسادهم بعد الموت‏,‏ وعلمنا محيط بكل شيء‏,‏ وقد دونا ذلك في كتاب حفيظ‏,‏ وهو اللوح المحفوظ‏,‏ وهذا تاكيد لقول المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏
كل ابن ادم ياكله التراب الا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب‏(‏ صحيح مسلم‏)‏

وتؤكد الايه الخامسه من سوره‏(‏ ق‏)‏ ان تكذيب الكفار والمشركين لنبوه خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ الثابته بالعديد من المعجزات الظاهره‏,‏ وفي مقدمتها القران الكريم‏,‏ يعتبر في ميزان الله اكبر جرما من تكذيبهم بالبعث‏,‏ فقد اختلطت امورهم وافكارهم‏,‏ وفسدت معتقداتهم‏,‏ واصبحوا في حاله من القلق والاضطراب والضياع لاتمكنهم من حسن التفكير او حسن النظر في الامور بعين البصيره‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في امر مريج‏
S(‏ ق‏:5)‏

ثم استعرضت الايات عددا من الشواهد الكونيه الداله علي كمال القدره الالهيه المبدعه في الخلق‏,‏ وعلي احاطه علم الله الخالق بكل صغيره وكبيره في الكون‏,‏ وعظيم حكمته الظاهره في كل امر من امور المخلوقات فيه‏,‏ والاستدلال من ذلك كله بان الذي ابدع هذا الكون علي غير مثال سابق‏,‏ قادر علي افنائه وعلي اعاده خلقه من جديد مما يؤكد حتميه البعث وضرورته‏.‏
وعرضت الايات من بعد ذلك الي ذكر عدد من الامم السابقه التي كفرت بربها‏,‏ او اشركت به‏,‏ وعصت اوامره‏,‏ وكذبت انبياءه ورسله‏,‏ فحق عليها عذاب الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ في الدنيا قبل الاخره‏,‏ وتحقق فيهم وعد الله ووعيده‏,‏ وكان في هذا العرض ما فيه من المواساه الالهيه لخاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)(‏ وللمؤمنين به من بعده‏)‏ علي تكذيب الكفار والمشركين لبعثته الشريفه‏.‏ ويرد الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي منكري البعث مره اخري بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد‏
S(‏ ق‏:15).‏

ثم تستمر الايات في تاكيد حقيقه ان الله‏(‏ تعالي‏)‏ خلق الانسان‏,‏ ويعلم ما توسوس به نفسه‏,‏ لانه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ باحاطه علمه ودوام مراقبته اقرب الي كل عبد من عباده من اقرب شيء اليه وهو عرق الوريد بباطن عنقه‏,‏ وفوق ذلك فان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد اوكل كل فرد من عباده الي ملكين‏:‏ احدهما عن يمينه لكتابه الحسنات‏,‏ والاخر عن شماله لكتابه السيئات‏,‏ فما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد من قبل هذين الملكين المتلقيين عنه‏,‏ وكل منهما ملازمه‏,‏ لا يفارقه ابدا‏,‏ وكل منهما مهيا لتلك المهمه ومعد اعدادا تاما لها‏.‏
وبعد التاكيد علي هذه الحقيقه التي يغفل عنها كثير من الخلق‏,‏ تنبه الايات الانسان الي حقيقه الموت‏,‏ وسكراته‏,‏ وشدائده‏,‏ وكربه‏,‏ ونزوله بالحق اي باليقين الذي كان يماري فيه كل كافر ومشرك ومتشكك‏,‏ او بالحق حيث يري الميت وقت حشرجه الروح مكانه في الجنه او مكانه في النار‏,‏ والرسول‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ يقول‏:‏ الناس نيام ما عاشوا فاذا ما ماتوا انتبهوا‏.‏ والموت حق علي كل حي‏,‏ وان كان في طبيعه الانسان ان يستبعده عن نفسه وهو يراه واقعا علي غيره في كل يوم‏,‏ ويحاول الهروب منه‏,‏ والفرار من هجمته‏,‏ ولكن هيهات هيهات فلا ملجا من الله الا اليه‏...!!‏

ثم تنبه الايات بعد ذلك الي نفخه الصور بامر الله‏(‏ تعالي‏)‏ فيبعث جميع من في القبور‏,‏ وهو اليوم الذي توعد الله‏(‏ تعالي‏)‏ به كل كافر‏,‏ ومشرك‏,‏ وظالم‏.‏ وتشير الايات الي مجيء كل نفس معها من يسوقها من الملائكه الي ارض المحشر‏,‏ ومن يشهد عليها بعملها‏.‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد‏
S‏ اذ يتلقي المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد‏S‏ ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد‏S‏ وجاءت سكره الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد‏S‏ ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد‏S‏ وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد‏S‏ لقد كنت في غفله من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد‏(‏ ق‏:16‏ ‏22).‏

اي‏:‏ فازلنا عنك غفلتك‏,‏ وجلونا لك بصرك حتي تري به الحق الذي كنت تكذب به في الدنيا‏,‏ وقد كنت فيها كافرا‏,‏ او مشركا‏,‏ او متشككا‏,‏ او ظالما جائرا لاتخشي حساب الله في الاخره‏.‏
وفي التحذير من جريمه الشرك بالله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ تذكر الايات ان شيطان كل من المشرك والكافر الذي اغواه واضله‏,‏ اوالملك الموكل بكتابه سيئاته يقول عنه‏:‏

هذا ما لدي عتيد اي مهيا لجزاء الله ومعد له‏,‏ فيقال للسائق والشهيد‏,‏ او للملكين من خزنه النار‏:‏ القيا في جهنم كل كفار عنيد‏
S‏ مناع للخير معتد مريب‏S‏ الذي جعل مع الله الها اخر فالقياه في العذاب الشديد‏S.(‏ ق‏:24‏ ‏26).‏
وحينئذ يبدا كل كافر ومشرك وظالم في الاعتذار الي الله‏(‏ تعالي‏)‏ بان شيطانه قد اغواه واطغاه‏,‏ فيقول شيطانه معتذرا ايضا الي الله‏:...‏ ربنا ما اطغيته ولكن كان في ضلال بعيد‏
S(‏ ق‏:27).‏

فيرد ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بقوله الحق‏:‏
‏...‏ لا تختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد‏
S‏ ما يبدل القول لدي وما انا بظلام للعبيد‏S‏ يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد‏S‏ وازلفت الجنه للمتقين غير بعيد‏S‏ هذا ما توعدون لكل اواب حفيظ‏S‏ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب‏S‏ ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود‏S‏ لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد‏S.(‏ ق‏:28‏ ‏35).‏
وبعد هذا الاستعراض القراني المعجز لبعض حقائق الدنيا والاخره ووضع الانسان فيهما‏,‏ تعاود الايات في ختام السوره بالاشاره الي عقاب الله‏(‏ تعالي‏)‏ للعاصين من الامم السابقه الذين اهلكهم الله‏(‏ تعالي‏)‏ بذنوبهم وقد كانوا اشد بطشا من كفار قريش والعذاب ينزل بهم‏,‏ وهم في حاله من الهلع والفزع‏,‏ يركضون في جنبات الارض ونقوبها في محاوله يائسه للهروب من عذاب الله‏,‏ وهو واقع بهم لا محاله حتي ابادهم عن بكره ابيهم‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب او القي السمع وهو شهيد‏
S.(‏ ق‏:37).‏

وترجع الايات مره اخري بالاشاره الي خلق السماوات والارض في سته ايام‏,‏ وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في سته ايام وما مسنا من لغوب‏
S.(‏ ق‏:38).‏

ثم يوجه الخطاب الي خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ الذي كان يؤلمه ما يتطاول به الكفار والمشركون علي الذات الالهيه‏,‏ وذلك بقول الحق‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
فاصبر علي ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب‏
S‏ ومن الليل فسبحه وادبار والسجود‏S(‏ ق‏:40,39).‏

اي‏:‏ اصبر يا محمد علي تطاول الكفار والمشركين علي الذات الالهيه‏,‏ وهو مما يؤلمك‏,‏ واصبر علي تكذيبهم لبعثتك الشريفه‏,‏ وهو مما يحزنك‏,...‏ فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون‏
S(‏ الانعام‏:33)‏
وتامر الايات خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ان ينزه ربه عن كل وصف لا يليق بجلاله‏,‏ وان يحمده حمدا يليق بجلاله‏,‏ خاصه في وقتي الفجر والعصر‏,‏ وعقب كل صلاه مفروضه‏,‏ وذلك بالتسبيح‏,‏ والتحميد‏,‏ والتكبير‏,‏ والتهليل وبالاكثار من النوافل‏.‏

وتختتم هذه السوره المباركه بالاشاره مره اخري الي يوم البعث والحشر‏,‏ مؤكده يسر ذلك علي الله‏,‏ موجهه الخطاب الي خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ جازمه بان الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو الذي يحيي ويميت‏,‏ وان مصير الخلائق كلها اليه‏(‏ سبحانه‏),‏ وانه‏(‏ تعالي‏)‏ يعلم السر والنجوي وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب‏
S‏ يوم يسمعون الصيحه بالحق ذلك يوم الخروج‏S‏ انا نحن نحيي ونميت والينا المصير‏S‏ يوم تشقق الارض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير‏S‏ نحن اعلم بما يقولون وما انت عليهم بجبار فذكر بالقران من يخاف وعيد‏S.(‏ ق‏:41‏ ‏45).‏

ومن روعه بيان هذه السوره‏,‏ وشده وقعها علي السمع‏,‏ والعقل‏,‏ والقلب‏,‏ واحتفالها بعدد هائل من حقائق الوجود‏,‏ كان خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كثيرا ما يخطب بها في صلاه العيدين والجمعه‏,‏ وكان يجعل منها موضوع خطبته في اجتماعاته الحافله بالناس‏,‏ يحرك بمعانيها الرائعه‏,‏ وجرسها الفريد كثيرا من القلوب الغافله‏,‏ ويسمع بها كثيرا من الاذان الصم‏,‏ وينير بها كثيرا من العقول المعتمه‏,‏ وذلك لان الانسان مهما اوتي من اسباب الفصاحه‏,‏ والبلاغه‏,‏ وروعه البيان لا يمكن له ان ينقل ما جاء بسوره ق من معان باسلوب يقترب في شيء من روعه ما جاء فيها من بيان الله الذي لايمكن لبيان البشر ان يدانيه من قريب او من بعيد‏.‏

من الاشارات الكونيه في سوره ق

‏(1)‏ ان تحلل الجسد الميت ينتهي الي تراب الارض فيما عدا عجب الذنب الذي منه خلق‏,‏ وفيه يعاد تركيبه كما اخبر بذلك المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ودلت عليه الايه الرابعه من سوره ق‏,‏ واكدته البحوث العلميه‏.‏
‏(2)‏ ان السماء بناء محكم‏,‏ مزدان بالنجوم‏.‏ ولا وجود للفراغ الخالي من صور الماده والطاقه فيها ومالها من فروج‏.‏

‏(3)‏ ان الارض كرويه الشكل لانها ممدوده بلا نهايه‏,‏ والمد بلا نهايه هو قمه التكور‏.‏
‏(4)‏ ان تكون الجبال عمليه لاحقه لخلق الارض‏,‏ وهي رواسي مثبته لها في دورانها وجريها‏,‏ كما انها مثبته لاغلفتها الصخريه حتي لا تميد ولاتضطرب‏.‏

‏(5)‏ ان كل شئ في الوجود قد خلقه الله‏(‏ تعالي‏)‏ في زوجيه واضحه حتي يبقي ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ متفردا بالوحدانيه المطلقه فوق جميع خلقه‏,‏ والدراسات العلميه تؤكد الزوجيه في جميع المخلوقات‏.‏
‏(6)‏ ان الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو الذي يحكم دوره الماء حول الارض بعلمه وقدرته وحكمته‏,‏ وينزله من السماء ماء مباركا لشده طهارته‏,‏ وبنزوله علي الارض فان الله‏(‏ تعالي‏)‏ يحيي به مواتها وينبت فيها جنات وحب الحصيد‏,‏ ويشبه الله تعالي اخراج الاموات من قبورهم في يوم البعث باخراج النبات من الارض بعد انزال ماء المطر عليها‏,‏ مما يؤكد حتميه البعث وضرورته‏.‏

‏(7)‏ وصف النخل بانها باسقات وان طلعها نضيد‏.‏
‏(8)‏ اقرار حقيقه ان الانسان مخلوق خلقه الله‏(‏ تعالي‏)‏ وهو‏(‏ سبحانه‏)‏ خالق كل شئ‏,‏ وان الموت حق علي جميع المخلوقين‏,‏ وان الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو الذي يحيي ويميت‏,‏ وان الخلق الاول يشهد لله الخالق بالقدره علي البعث‏.‏

‏(9)‏ اقرار حقيقه ان خلق السماوات والارض قد تم عبر ست مراحل متتاليه يحاول العلم الكسبي استقراءها اليوم‏.‏
‏(10)‏ وصف انفتاح الارض لاخراج المدفون فيها من اجداث يوم البعث بالتشقق‏,‏ وهي عمليه مختلفه‏,‏ تماما عن عمليه التصدع‏,‏ التي اشار اليها القران الكريم في مقام اخر‏,‏ وفي ذلك من الدقه العلميه ما فيه‏.‏

وكل قضيه من هذه القضايا تحتاج الي معامله خاصه بها‏,‏ ولذلك فسوف اقصر الحديث هنا علي النقطه السابعه في القائمه السابقه والتي تتحدث عن النخل الباسقات وعن طلعها النضيد‏,‏ وقبل الولوج في ذلك لابد من استعراض سريع لاقوال المفسرين في شرح دلاله هذه الايه الكريمه‏.‏

من اقوال المفسرين
في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏):‏

والنخل باسقات لها طلع نضيد‏*(‏ ق‏:10).‏
‏*‏ ذكر الطبري‏(‏ رحمه الله‏)‏ ما مختصره‏:(‏ والنخل باسقات‏):‏ طوالا‏,‏ والباسق هو الطويل‏,(‏ لها طلع نضيد‏):‏ متراكب بعضه علي بعض‏.‏
وجاء في بقيه التفاسير كلام مشابه لا اري حاجه الي تكراره هنا‏.‏

من الدلالات العلميه للايه الكريمه
اشارت هذه الايه الكريمه الي النخل الباسقات‏,‏ وهو نوع خاص من النخل يتميز بطول ساقه‏(‏ جذعه‏)‏ حتي ليتجاوز الثلاثين مترا في الارتفاع‏,‏ علما بان هناك من انواع النخل القصير ما لا يتجاوز ارتفاع جذعه المترين‏,‏ وبذلك تتضح الحكمه من الاشاره الي النخل الطوال في هذه الايه الكريمه‏,‏ ومن اتباع الوصف باسقات بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ لها طلع نضيد‏.‏
وفي ذلك اشاره الي القدره الالهيه المبدعه التي تتجلي في خلق النخله الباسقه‏,‏ بهذا الطول الفاره‏,‏ واعطائها من القدرات البينه الظاهره‏,‏ والخفيه المستتره‏,‏ ما جعل من النخل مضرب المثل في القران الكريم الذي ذكره في عشرين موضعا‏,‏ وفضله دوما علي غيره من انواع الزروع‏,‏ والفاكهه‏,‏ وجعله في مقابله غيره من انواع النباتات‏.‏

فمن القدرات الظاهره للنخل ثباته في الارض‏,‏ وارتفاعه فوق سطحها ومقاومته للرياح‏,‏ وتحمله للحراره الشديده والجفاف وقوته وتعميره‏,‏ ووفره انتاجيته تحت اقسي الظروف‏,‏ وتعدد اشجاره وثماره شكلا ولونا وطعما وحجما وفائده‏,‏ وتعدد الفوائد المرجوه من كل جزء من اجزاء شجرته المباركه‏.‏
ومن القدرات المستتره للنخله تلك القدرات الفائقه التي وهبها الله اياها‏,‏ لتعينها علي القيام بكافه وظائفها الحياتيه‏,‏ وفي مقدمتها القدره علي الاستفاده بماء الارض وعناصرها ومركباتها المختلفه‏,‏ والاختيار منها حسب حاجاتها‏,‏ ورفع العصاره الغذائيه الي قمتها‏,‏ واوراقها وازهارها وثمارها‏,‏ والي مختلف اجزائها مهما تسامقت تلك القمه‏,‏ وتباعدت تلك الاوراق والازهار والثمار‏.‏
والعائله النخيليه تضم حوالي المائتي جنس واكثر من اربعه الاف نوع من الاشجار‏,‏ والشجيرات‏,‏ والمتسلقات التي تنتشر اساسا في كل من المناطق الاستوائيه والمعتدله‏,‏ كما يكثر بعض انواعها كنخيل البلح في البيئات الصحراويه القاحله‏,‏ حيث تصل درجه حراره الجو الي ما فوق الخمسين درجه مئويه‏,‏ ودرجه حراره سطح الارض الي تسعين درجه مئويه‏,‏ وتندر الامطار‏,‏ ومن هنا كانت اهميه التهيئه الربانيه للنخيل خاصه نخيل البلح للاستفاده باقل كميه من الماء‏.‏

اهميه الماء في حياه النخيل
من المسلمات ان الماء سائل اساسي للحياه‏,‏ ولذلك يوجد بكميات قد تصل الي اكثر من‏95%‏ من وزن بعض الكائنات الحيه‏(‏ نباتيه كانت او حيوانيه‏)‏ وذلك لان للماء من الصفات الطبيعيه والكيميائيه ما وهبه بها الله قدرات فائقه علي اذابه العديد من الجوامد‏,‏ والغازات‏,‏ وعلي الاختلاط والامتزاج بالعديد من غيره من السوائل‏,‏ ولذلك اصبح الماء وسطا لازما لاتمام جميع العمليات الحيويه‏,‏ ولتلطيف درجه حراره الاجساد الحيه بتبخره منها‏.‏
والنباتات بصفه عامه‏,‏ والنباتات الراقيه بصفه خاصه‏,‏ والصحراويه منها بصفه اخص تحتاج الي قدر هائل من الماء الذي تحصل عليه من الوسط الذي تحيا فيه‏,‏ بواسطه الجذور‏.‏

والماء يوجد في التربه علي هيئه خيوط شعريه دقيقه تنتشر في المسافات البينيه‏(‏ المسام‏)‏ الموجوده بين حبيبات التربه‏,‏ او علي هيئه ملتصقه بتلك الحبيبات خاصه ما لها شراهه خاصه للماء منها مثل حبيبات الصلصال وفتات المواد العضويه‏.‏
ويصل الماء الي التربه بعد سقوط الامطار‏,‏ او بواسطه الري‏,‏ او من المخزون المائي تحت سطح الارض‏,‏ ونظرا لندره الامطار في المناطق الصحراويه الحاليه‏,‏ فقد زودها الله‏(‏ تعالي‏)‏ بمخزون مائي كبير من امطارغزيره هطلت عليها قبل الاف السنين من تعرضها لعمليه التصحر‏.‏ ولذلك وهب الله تعالي للنخيل القدره علي الوصول بجذوره العرضيه الي اي قدر من الرطوبه الموجوده في الارض‏,‏ وحمي جذوعه باغطيه من اعناق السعف‏(‏ تعرف الواحده منها باسم الكربه‏)‏ وبما جعل للسعف عند اتصاله بجذع النخله من اغماد ليفيه خشنه تزيد من متانه الجذع‏,‏ وتحفظ الماء في خلاياه من البخر كما تحفظه من التغيرات المناخيه ومن عوامل التعريه ومن التعديات الحيوانيه عليه‏.‏

كذلك جعل الله‏(‏ تعالي‏)‏ وريقات النخل‏(‏ السعف‏)‏ من الخوص الجلدي المانع لتسرب الماء‏,‏ وجعلها علي هيئهرمحيه مدببه الاطراف ومطويه بصوره مائله علي محورها وعلي محور الورقه‏(‏ السعفه‏)‏ وحور بعض الوريقات علي هيئه اشواك لتقليل تسرب الماء منها بعمليه النتح‏.‏ كذلك حمي الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ زهور النخله بغلاف جلدي متين‏,‏ غير منفذ للماء مستدق الحواف يحيط بها احاطه كامله‏,‏ ويغطي من الخارج بخمله حمراء اللون تساعد علي حفظ الماء الموجود في كل من الزهور والشماريخ‏,‏ وهي فروع متحوره لحميه غليظه تحمل الزهور علي هيئه نوره مركبه او سنبله‏,‏ وتعرف الشماريخ وماعليها من زهور باسم الاغاريض‏(‏ جمع اغريض‏).‏
وينتقل الماء من التربه الي خلايا المجموع الجذري للنخله المنغرسه في تلك التربه بفعل الفرق في جهد الماء بين محاليل التربه‏,‏ والعصارات المختزنه في الاوعيه الخشبيه للنخله‏,‏ وهو مايعرف باسم الضغط الجذري‏,‏ ثم تتوالي حركه الماء من الجذور الي خلايا قشره الساق حتي يصل الي الطبقه الداخليه منها‏,‏ ثم الي الاوعيه الخشبيه في قلب جذع النخله عبر خلايا خاصه لمرور الماء وما به من عناصر ومركبات مذابه توجد في مواجهه الاوعيه الخشبيه مباشره‏,‏ ويتحكم في حركه الماء هنا كذلك التدرج في قيمه جهده من خليه الي اخري‏.‏ كذلك فقد اعطي الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ للماء من الصفات الطبيعيه ماجعله واحدا من اشد السوائل تماسكا وتلاصقا‏,‏ واقواها بعد الزئبق علي تحقيق ظاهره التوتر السطحي وذلك بسب ماوهبه الله‏(‏ تعالي‏)‏ من خاصيه القطبيه المزدوجه التي جعلها الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ مميزه لجزئ الماء‏.‏

وبتعاظم التوتر السطحي للماء تتعاظم قدرته علي تسلق جدران الوعاء الذي يتواجد فيه‏,‏ خاصه اذا كان قطر هذا الوعاء صغيرا‏,‏ وكلما دق هذا القطر ارتفع فيه الماء بسرعه اشد‏,‏ ووصل الي مستويات اعلي‏,‏ وهذه الخاصيه المائيه المعروفه باسم الخاصيه الشعريه هي التي تتيح للماء الذي تمتصه جذور النخله من الوصول الي قمتها الناميه وما حولها من اوراق وزهور وثمار بتدبير من الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وبذلك يبقي ماء الارض وما به من عناصر ومركبات مذابه علي هيئه متصله من قاعده النبات الي قمته‏,‏ ويعين علي هذا الاتصال المستمر قوه الشد الناتجه عن عمليه النتح‏,‏ وهي عمليه يطرد بها النبات الماء الزائد عن حاجته الي الغلاف الجوي المحيط به علي هيئه بخار الماء الذي يخرج من ثغور الاوراق والوريقات علي وجه الخصوص‏.‏ وتتاثر عمليه النتح هذه بعدد وحجم وتوزيع الثغور علي جسم النبات ودرجات الحراره والرطوبه النسبيه في البيئه المحيطه‏,‏ وسرعه الرياح‏,‏ والتركيب الداخلي للاوراق والوريقات‏,‏ ويساعد عمليه النتح في التخلص من الماء الزائد في داخل النبات عمليه اخري تسمي عمليه الادماع وتكثر في النباتات التي تحيا في المناطق العاليه الرطوبه‏.‏
وقد شاءت اراده الخالق المبدع‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ ان يجعل الاوعيه الخشبيه في قلب شجره النخيل صغيره الاقطار بشكل ملحوظ مما يساعدها علي رفع العصاره الغذائيه بالخاصيه الشعريه الي قمتها الناميه والتي يصل ارتفاعها في بعض الاحوال الي اكثر من ثلاثين مترا‏.‏ وبتضافر كل من الضغوط الجذريه‏,‏ والخاصيه الشعريه‏,‏ وقوه الشد الناتجه عن عمليه النتح ينشا في داخل جذع النخله قوه شد تصل الي عشرات الضغوط الجويه تعمل علي رفع العصاره الغذائيه النيئه في الاوعيه الخشبيه ضد قوي الجاذبيه من اسفل النخله الي قمتها مهما بلغ ارتفاع تلك القمه‏,‏ بينما تهبط العصاره الغذائيه الناضجه بعد تكوينها في الاوراق من قمه النبات الي جذوره خلال خلايا لحاء الشجره بفعل الجاذبيه الارضيه‏.‏

الاجزاء الرئيسيه للنخله‏:‏
نعرف من اجزاء النخله الرئيسيه مايلي‏:‏
اولا‏:‏ المجموع الجذري‏:‏
يبدا المجموع الجذري لنخيل البلح في التكون بمجرد انبات النواه اذا كان التكاثر بواسطه زرع النواه‏,‏ وان كان التكاثر يمكن ان يتم بواسطه الفسائل‏,‏ او باستخدام تقنيات استزراع الانسجه‏,‏ وفي كل هذه الحالات تبدا النبته بتكون المجموع الجذري‏,‏ ويعرف المجموع الجذري الخارج من النواه النابته باسم المجموع الجذري الوتدي‏,‏ ثم تبدا هذه الجذور الاوليه في التلاشي بالتدريج لتحل محلها جذور عرضيه تنشا من قاعده البادره‏,‏ وتاخذ هذه الجذور العرضيه في الازدياد حجما وعددا مع زياده نمو النبته‏,‏ وهي جذور ليفيه‏,‏ خاليه من الشعيرات الجذريه‏,‏ وتقوم بامتصاص الماء والغذاء من التربه عن طريق خلايا السطح في هذه الجذور العرضيه‏.‏ ويتميز النخيل بقدرته الفائقه علي سرعه تكوين الجذور وانتشارها في التربه‏(‏ خاصه التربه الرمليه‏)‏ لتعين علي تثبيت النخله في الارض وعلي امكانيه انتصابها قائمه لارتفاعات شاهقه‏.‏

ثانيا‏:‏ المجموع الخضري ويشمل‏:‏
‏(1)‏ جذع النخله‏:‏ جذع النخله اسطواني الشكل‏,‏ بقطر يتراوح بين‏40‏ سم‏,90‏ سم وارتفاع يتراوح بين اقل من مترين واكثر من ثلاثين مترا‏,‏ وليست له فروع‏,‏ ومغطي بنوع خاص من الليف‏,‏ وبنهايات السعف القديم الذي تعرف الواحده منه باسم الكربه وهي تقوي الجذع‏,‏ وتحميه من عوارض الجو‏,‏ ومن تعدي الحيوانات‏,‏ ومن بخر ما به من ماء‏,‏ وتعينه علي الانتصاب قائما لعشرات الامتار فوق سطح الارض‏.‏
‏(2)‏ القمه الناميه للنخله‏:‏ وتعرف باسم‏(‏ الجماره‏),‏ وتحتوي علي البرعم القمي الوحيد الموجود في راس النخله‏,‏ وتختزن فيه كميه كبيره من العصاره الغذائيه الناضجه‏,‏ ويقوم هذا البرعم القمي الوحيد بعمليات النمو الراسي فيؤدي الي استطاله الجذع‏,‏ وتكوين الاوراق عليه‏,‏ وتكوين كل من الزهور والثمار‏,‏ وبموت هذه القمه الناميه تموت النخله‏,‏ ولذلك احاطها الله‏(‏ تعالي‏)‏ بغلاف عازل سميك‏,‏ مكون من قواعد السعف الملتفه والمتراصه لحمايتها من التغيرات المناخيه والجويه‏.‏ وتنقسم هذه القمه الناميه الي جزء سفلي يخرج منه السعف والليف ويعرف باسم قلب الجماره‏,‏ وجزء علوي تخرج منه العذوق‏(‏ جمع عذق‏)‏ ويعرف باسم طلع الجماره او طلع النخله وعود العذق‏(‏ العرجون‏)‏ او القنو من النخل هو مابين الشماريخ الي منبته من النخله‏,‏ والعذق هو حامل الشماريخ‏(‏ جمع شمراخ وشمروخ‏)‏ وهو العود الرفيع الذي عليه البسر ويسمي احيانا باسم العثكال‏.‏
‏(3)‏ اوراق النخل‏(‏ سعف النخل‏):‏ وهي اوراق مركبه‏,‏ ريشيه الشكل‏,‏ طويله جدا اذ يتراوح طولها بين حوالي الثلاثه والسته امتار تقريبا‏,‏ وتنتج النخله الواحده بين العشره والعشرين سعفه في السنه بدءا من قمتها الناميه‏(‏ الجماره‏),‏ والورقه لها نصل‏(‏ عرق وسطي‏)‏ طويل‏,‏ مرن‏,‏ قوي‏,‏ متين‏,‏ يزيد عرضه عند اتصاله بالجذع‏,‏ ويتناقص في اتجاه طرفه‏,‏ ويتباين لونه من الاصفر الي الاحمر القاني الي البني‏,‏ ويحمل هذا النصل الوريقات‏(‏ الخوص‏)‏ التي يتراوح عددها بين‏240,120‏ وريقه‏(‏ خوصه‏),‏ وطولها بين‏15‏ سم‏,100‏ سم‏,‏ وعرضها بين‏6,1‏ سم‏,‏ هذا بالاضافه الي عدد من الاشواك في الجزء السفلي من السعفه‏,‏ وكل شوكه عباره عن وريقه متحوره‏,‏ وقد تتواجد مفرده او في مجموعات‏,‏ وتتصل الوريقه بالمحور الرئيسي للورقه بواسطه انتفاخ عند قاعده الخوصه‏.‏ ويوجد لكل ورقه غمد يحيط بالساق‏,‏ وتنفصل منه الماده الليفيه الحمراء التي تحيط بالجذع‏,‏ وتعمل علي زياده متانته‏,‏ وقوته‏,‏ كما تعمل علي حمايته وعلي حفظ ما به من سوائل‏.‏

ثالثا‏:‏ المجموع الزهري والثمري للنخله‏:‏
تخرج نوره النخله من ابط الورقه‏,‏ والنوره عباره عن اغريض مركب ومتفرع الي عده افرع‏(‏ شماريخ‏),‏ يحمل كل منها ازهارا او منغرسه في الفرع المحموله عليه‏,‏ والاغريض عباره عن سنبله مركبه تشمل الشماريخ والازهار‏,‏ والشماريخ‏(‏ جمع شمراخ وشمروخ‏)‏ هي فروع متحوره‏,‏ لحميه‏,‏ غليظه تحمل الازهار‏,‏ والازهار وحيده الجنس‏(‏ اما مؤنثه او مذكره‏)‏ منتظمه‏,‏ بدون عنق‏,‏ اي محموله علي الشمراخ مباشره‏,‏ وهناك مايقرب من العشره الاف زهره علي الطلع الواحد‏,‏ ومن هنا كان التعبير القراني‏:‏ لها طلع نضيد اي منضود ويحمل النوره محور يصلها براس جذع النخله‏,‏
والازهار المذكره بيضاء اللون‏,‏ مائله الي شئ من الصفره‏,‏ وتوجد في فحول النخل اما الازهار المؤنثه فهي صفراء اللون‏,‏ وهي اصغر حجما من الازهار المذكره‏,‏ وتوجد علي اناث النخل‏.‏

وفي الحالتين يتركب الطلع من غلاف جلدي متين يحيط بالازهار‏,‏ ويعرف باسم الجف‏,‏ ويعرف مابداخل هذا الغلاف من ازهار وعذوق وشماريخ باسم الاغاريض‏,‏ وتتميز الاغاريض المذكره بقصر شماريخها‏,‏ وكثره عذوقها‏,‏ وتحمل ازهارا متلاصقه‏,‏ اما الاغاريض المؤنثه فتحمل عددا اقل من الازهار‏,‏ تتوزع متباعده عن بعضها البعض علي شماريخ اطول وادق‏.‏
وعند حدوث التلقيح بين فحول النخل واناثه اما تلقيحا طبيعيا اي فطريا‏(‏ بواسطه كل من الرياح والحشرات‏)‏ او تلقيحا صناعيا‏(‏ يدويا او اليا‏)‏ تتم عمليه الاخصاب فتنتج الثمره من احد الكرابل الثلاث التي تكون الزهره المؤنثه‏,‏ وتضمحل الكربلتان الاخريان وتسقطان علي الارض‏.‏

ويتكون المجموع الثمري للنخله من الطلع‏(‏ الكفري‏),‏ والعذوق‏,‏ والشماريخ‏,‏ والثمار‏,‏ وثمره البلح حسليه‏,‏ بداخلها نواه ذات فلقه واحده تحتضن جنين النخله بداخلها‏,‏ وتحيط به طبقه الاندوسبرم علي هيئه سويداء قرنيه لحمايه الجنين وتغذيته في فتره الانبات‏.‏
وفي حاله عدم تلقيح الزهره المؤنثه تستمر الكرابل الثلاث في النمو وتعطي ثمارا صغيره بدون نوي‏,‏ ومجتمعه مع بعضها تحت قمع واحد‏,‏ وهي ثمار لا قيمه لها من الناحيه الاقتصاديه او الغذائيه‏.‏

ويزرع نخيل البلح لثماره التي تؤكل‏,‏ ولخشبه وجريده وخوصه‏,‏ واليافه التي لها من الاستخدامات ما لا يتسع المقام لحصره‏.‏
فسبحان الذي انزل من قبل اربعه عشر قرنا قوله الحق‏:‏والنخل باسقات لها طلع نضيد

ثم ياتي العلم الكسبي بعد اربعه عشر قرنا ليؤكد لنا روعه القوي التي وضعها الله‏(‏ تعالي‏)‏ في النخلات الطوال كي تمكنها من رفع العصاره الغذائيه من التربه الي قمتها‏,‏ ويؤكد لنا حقيقه ان هناك مايقرب من العشره الاف زهرهعلي الطلع الواحد منضوده اي متراكبه بعضها فوق بعض فتاتي الثمار منضوده كذلك‏,‏ وهي حقائق لم تكن معروفه في زمن الوحي‏,‏ ولا لقرون متطاوله من بعده‏,‏ ابقاها الله‏(‏ تعالي‏)‏ في محكم كتابه شاهده له بانه كلام الله الخالق‏,‏ وشاهده للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوه وبالرساله‏,‏ فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي اله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين‏,‏ واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين‏.‏



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق