السبت، 7 نوفمبر 2009

الفلكي المؤمن - و كل في فلك يسبحون 13


الفلكي المؤمن - و كل في فلك يسبحون 13





1. من بين خصائص الكون أن كل عنصر من عناصره وأن كل جزيء من جزيئات هذه العناصر - حتى ولو كان وزنه مثقال ذرة - هو في حركة مستمرة لا تتوقف أبدا إلا بأمر الله عزوجل فاطر السماوات والأرض وما بينهما والقائم عليها
ولا تخضع هذه الحركة للصدفة أو لأسباب عمليات النشوء الذاتي للمادة كما يلوح الملحدون . وإنما هي حركة مقننة ومقدرة تقديرا إلهيا حكيما , وهي أمر خارق لقوانين العلم الوضعي , الذي وضعه الإنسان , وتعرف عليه واكتشفه في محيطه الأرضي .
فكل من الكواكب ومجموعات النجوم والكوكبات والمجرات تدور حول نفسها في حركة محورية وتدور في مداراتها في حركة انتقالية. بل إن الكون كله يتحرك حركة انتقالية حول مركز سحيق يبعد عن خيال البشر ولا يدري العلم الوضعي عنه القليل أو الكثير , ولا يقع إلا في علم الله وحده عز وجل


وإذا كان الإنسان قد استطاع أن يكتشف بعض قوانين حركة الأجسام وديناميكيتها في المحيط الأرضي , فإنه يعجز عن معرفة كثير من خبايا حركة السدم , والكوكبات , والمجرات , والنجوم , والمذنبات , ولا يزال يتخبط عند محاولته تحديد أسبابها ومسبباتها ونظم حركتها وسرعتها . وحتى الظواهر التي يشاهدها الإنسان على سطح الأرض ويحسب أنها جامدة ثابتة لا تتحرك كالجبال والهضاب والبحار , هي في الحقيقة في حركة دائمة مع تحرك كوكب الأرض نفسه في حركتيه المحورية والانتقالية وحركاته الأخرى
وهذه الحركة المستمرة المنتظمة التي لا تعرف الكلل أو الملل أو الخلل لكل عنصر من عناصر هذه الكون الفسيح الأرجاء , هي تسبيح وسجود لله العلي القدير فاطر السماوات والأرض وما بينهما , ولكن الإنسان بما أوتي من علم محدود لا يفقه مثل هذا التسبيح
كما أن في حركة كل عنصر من عناصر الكون إفادة ونعمة وبركة منفعة للإنسان ساكن سطح كوكب الأرض , وذلك لأن كل عناصر الكون مسخرة بأمر الله جل وعلا لخدمة الإنسان ولتيسير سبل حياته على سطح الأرض ويقول المولى عز وجل : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) سورة يس وقوله تعالى : ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ) سورة الأنبياء


وينتج عن الحركة المحورية للنجوم والكواكب قوة طرد مركزية تحفظ للنجم أو للكوكب موقعه في مداره على بعد ثابت بينه وبين النجم الأم . وتتمثل العوامل التي تؤثر في استمرار حدوث ربط النجوم والكواكب بعضها بالبعض الآخر في الآتي
__ كتلة الشمس الأم
__ الدوران المحوري للشمس
__ قوة الجذب الشمسي
__ كتلة كل كوكب تابع للشمس
__ استمرار الدوران المحوري لكل كوكب في سرعة ثابتة له
__ قوة الطرد المركزية لكل كوكب
المسافة الفاصلة بين الشمس وكل كوكب
وعلى الرغم من تعدد هذه العوامل وطول الفترة الزمنية لعملها منذ بداية نشوئها حتى اليوم , والتي تقدر ببلايين السنين , إلا أن الشموس والنجوم والكواكب ظلت تعمل بقدر , ولم يصبها خلل أو زلل , ذلك لأنها تعمل وهي مسخرة بأمر الله عزوجل , ولا تخضع للصدفة أوالعشوائية
وإن حدوث أي نوع من الاضطراب في أي عامل من العوامل السابقة الذكر يؤدي إلى تفكك قوي الربط بين الشمس الأم وكواكبها , وينجم عن ذلك انفجارها وانشطارها وانشقاقها , وهذا لا يحدث لها إلا إذا قضى الله سبحانه وتعالى فاطرها وخالقها بأن يكون . ويكون ذلك عند قيام الساعة
فيوم القيامة هو اليوم الذي يفقد فيه الكون توازنه وتنشطر الكواكب والنجوم والأقمار بأمر من الله عز وجل , وتتأثر الأرض بزلزالها الأعظم الموعود , ويخرج من باطنها موادها المعدنية الثقيلة , فتفقد توازنها وقوة جاذبيتها وموقعها في الفضاء
ونتيجة للحركة المحورية للشمس تتركز الغازات التي تتفاعل نوويّا في جوفها وينشأ عنها قوة جذب عظمى ( تبعا لكتلتها الهائلة الحجم والتي تقدر بنحو 333 ألف مثل لكتلة الأرض ) تؤثر بدورها في قوة جذب الكواكب التابعة لها وربطها في فلكها وتشكيل ما يعرف باسم المجموعة أو النظام الشمسي
ويستمد الإشعاع الشمسي قوته من الطاقة الهائلة المنبثقة من حدوث التفاعلات النووية في باطن الشمس , وتتولد الطاقة الشمسية باشتقاق ذرات الهليوم من ذرات الهيدروجين
وبدون استمرارية الحركة المحورية للشمس يتوقف تكوني الطاقة الشمسية , ولا تتجدد مع الزمن , ولكانت الشمس نجما خامدا منذ عدة الآف من ملايين السنين , ولفقدت الشمس قوة جاذبيتها ولتفككت عوامل الربط بين الشمس وكواكبها التابعة لها في الفضاء السماوي . هذا الربط بين الكواكب والنجوم الذي يحفظ لكل منها موقعه ومداره في السماء يقول المولى عز وجل : ( فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) سورة الواقعة
ويستدل الإنسان من دراسته لمواقع النجوم وآيات الله في الكون على وجود توازن معجز بينها جميعا , وأن الاختلاف في حجم هذه النجوم والكواكب وكذلك في كثافتها وتركيبها الغازي والمعدني وكتلتها وطاقتها وسرعاتها في مداراتها والمسافات الهائلة الشاسعة البعد الفاصلة بين كل منها هو اختلاف بقدر معجز قدّرة تبارك وتعالى تقديرا حكيما معجزا ليكون آية بينة للناس أجمعين إلى يوم الدين.



الفلكي المؤمن - النظرة الفلكية إلى الماضي لا إلي الحاضر 12


النظرة الفلكية إلى الماضي لا إلي الحاضر 12
نجم الشعرى اليمانية 






إذا رصدنا الشعرى اليمانية , وهو نجم يبعد عنا حوالي 50 مليون مليون ميلا فإننا نراه حيث كان في الماضي منذ تسع سنوات فإن ضوءه ينتقل إلينا بسرعته الرهيبة في حوالى ثماني سنوات ولو فرضنا مخلوقا عاقلا قريبا من الشعرى اليمانية يرصد شمسنا سيراها بقعة صغيرة مضيئة لماعة كأى نجم آخر .
عندما ينظر علماء الفلك خلال مناظيرهم التي تتعمق في الكون لبلايين السنين الضوئية , فإن الإشعاع الضوئى الذي يصل إلى مناظيرهم كل يحسب زمنه الذي يقطعه , فقد يقطعه في ألف سنة أو أكثر أو أنقص فالنظرة الفلكية نظرة إلى الماضي لا إلى الحاضر من ذلك ثبت صحة نظرية النسبية وقد تنبأت هذه النظرية بأشياء كثيرة .
إن كل شيء يتحرك , ويحمل زمنه معه , والزمن مرتبط بكل شيء يتحرك , فله زمنه فالصاروخ أسرع من الطائرة والطائرة أسرع من القطار وهكذا.
كيف نعرف الأحداث هناك وقد يبعد الكوكب عنا ملايين البلاين من الأميال الضوئية ؟
إن من العجب العجاب أن تذيع السماء أنباءها بغير مخلوقات عاقلة ذكية .
إن الذرات نفسها هي التي تذيع أنباءها وتحكي لنا عما تتعرض له من إثارات ضاغطة أو حرارية أو حركيه.
وعندما تتعرض الذرات لما يثيرها تهتز اليكتروناتها المغنطيسية من مصادرها في كل أرجاء الكون .

السماء تذيع أنباءها 


إن هناك عظمة قوية في هذا الكون الرهيب , لقد أخذنا منها جزءا وبقيت أجزاء لم ننته من بحثها , أنها من خلق الله ومن أياته ونعمه
وقدراته التي لا تنتهي , قال تعالى : ( ولو أن ما في الأرض من شجر أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) سورة لقمان


إن لكل نبأ من السماء موجة خاصة فعندما نتعرض الذرات الكونية لما يثيرها , تهتز اهتزازات خاصة وتنتشر الموجات الكهرومغناطيسية من مصادرها في أرجاء السماوات تجري فيها بسرعة الضوء , وعلى ذلك ففي إمكاننا ترجمة هذا الاهتزاز الكهرومغناطيسي إلى لغة يمكن قراءتها , كما ترجمتها لفات الأشعاعات الضوئية.
وصدق الله تعالى حيث يقول : ( قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ... ) فما أروع الكون الذي نعيش فيه ؟
والقرآن الكريم أشار إلى هذه الأحدايث الكونية . ففي تفسير القرطبي في قوله تعالى : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) - ص 5387 , جزء / 14 'طبعة الشعب - رأي بعض المفسرين مستدلين بحديث في صحيح الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة " إذا قضى الله في السماء أمرا ضربت الملائكة اجنحتها خضعانا لقوله كأنها سلسلة صفوان , فإذا فزع عن قلوبهم , قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير , وفي حديث آخر إن الله إذا أراد أن يوحى بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رحبة أو رعدة شديدة خوفا من الله تعالى ....


الفلكي المؤمن - مصير الشمس بين القرآن و العلم 11


الفلكي المؤمن - مصير الشمس بين القرآن و العلم 11






إن عملية اندماج نوى ذرات الهيدروجين لإنتاج الهيليوم في باطن الشمس يمكن أن تستمرّ لبضعة آلاف الملايين من السنين , إلاّ أن نفاد الهيدروجين من قلب الشمس ووفرة الهيليوم داخله تؤدي إلى حصول لا تجانس واضح في توزيع المادة.
فإن الهيليوم أثقل من الهيدروجين بأربع مرات , وهذا يعني اختلال كثافة مادة النجم وفقدان التوازن .. لذلك لا بدّ من حركة شاملة لإعادة توازن جسم الشمس .. ويحصل هذا إذا ينتفخ الجزء الخارجيّ من مادة الشمس انتفاخا هائلا فيما يتقلص اللبّ .. وعندئذ يتغير لون الشمس إلى الأحمر .. وبانتفاخها هذا تصبح عملاقا هائلا يبتلع الكواكب الثلاثة الأولى عطارد والزهرة والأرض
لذلك تسمى الشمس في هذه المرحلة بــ( العملاق الأحمر ) ... وإذ تضعف القوى الداخلية في اللب ّ , فإن القشرة الخارجية المنتفخة لا تستطيع أن تسند نفسها على شيء فينهار جسم الشمس على بعضه في عملية تسمى ( التكوير ) , وذلك بسبب جاذبية أجزائه بعضها للبعض الآخر , مما يجعلها تنكمش انكماشا مفاجئا وسريعا .. فتنسحق المواد للشمس , وتتداخل الجزيئات , وتتقارب الذرات تقاربا شديدا حتى تكاد تتداخل , إلا أن قوة التنافر الكهربائي بين الأغلفة الألكترونية للذرات تقاوم تداخلها عندما تصبح المسافة بينها قليلة .. وبذلك تتعادل قوة التنافر الكهربائي مع قوى الجذب التي تؤدي إلى تكوير الشمس .. وعندما يحصل هذا التوازن تكون الشمس قد وصلت إلى مستقرها . وتدعى عندئذ " قزم أبيض " إذ لا يتبقى من ضوئها إلا نور خافت ضئيل.
لقد وجد العالم سنك شاندرا سخار أن جميع النجوم التي تقل كتلتها عن مرة ونصف كتلة الشمس تؤول في نهاية عمرها إلى هذا المصير .. أي " القزم الأبيض " .. وهو جسم كثيف جدا إذ تصل كثافة إلى طن لكل سنتيمتر مكعب.
وهنا نفهم معنى قوله تعالى : ( إذا الشمس كورت ) سورة التكوير - فالشمس آيلة إلى التكوير .. حتى تصير قزما أبيض .
إن كلمة ( كوّرت) التي وردت في الآية لم ترد اعتباطا , ولا هي دالة على ذهاب ضوء الشمس وانطفائها وحس ذلك لأننا نقرأ في معاجم اللغة أن الفعل ( كوّر) هو ( هو أصل صحيح يدل على دور وتجمع ) وهذا ما يحصل بالضبط أثناء الانهيار الجذبيّ , إذ تتجمع مادة النجم على بعضها وتدور . لذلك استخدمنها كلمة ( تكوير) مصطلحا عربيا لما هو مقصود بالضبط في جملة - الأنهيار الجذبيّ .
ولكن ماذا عن حالة القزم الأبيض ؟
لقد وجد شاندرا سيخار وآخرين من بعده أن الأقزام البيضاء لا تكون على حالة واحدة . فإذا كانت كتلة القزم الأبيض أكبر من كتلة شمسنا , فإنه يمكن أن يتطور وقد ينفجر ويتلاشى أجزاء , إذ يكون في حالة غير مستقرة .
أما الأقزام البيضاء التي لها كتلة مساوية لكتلة شمسنا فإنها تؤول إلى حالة مستقرّة تماما بعد أن يخفت ضوءها .. ويمكن أن تبقى على هذه الحالة آلاف بل ملايين السنين.
وفي هذا الإطار يمكن أن نفهم معنى قوله تعالى : ( والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) سورة يس .


الفلكي المؤمن - فروج السماء 10


الفلكي المؤمن - فروج السماء 10







فروج السماء
فروج السماء لا ترى أو على الأصح مكانها سواد حالك, في السنوات القليلة وبالتحديد في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات عرف بوجودها على أثر القيام بمسح جديد للسماء لعمل خرائط كونية ذات ثلاثة أبعاد . فعندئذ فوجئ الفلكيون بوجود العديد من الفجوات وكأن السماء قد ملئت بها . وأعيد إنشاء هذه الخرائط بدقة أكثر لتشمل مجرات ذو انزياح أحمر يعادل مسافات أبعد من بليون سنة ضوئية .
وأصبح الشك يقينا عندما اتضح أن الغالبية العظمى من المجرات إن لم تكن كلها تقع على جوانب فجوات هائلة - يبلغ قطرها 150 مليون سنة ضوئية - قد لا تحتوي على أي شيء إطلاقا من المواد المضيئة >
وقد اكتشفت فجوة عملاقة في عالم 1981 في برج بويتس قطرها 250 مليون سنة ضوئية ويحفها حائط من المجرات ويعتبر مركزها خاليا من المجرات وفي عام 1989 اكتشف أضخم حائط مجرات يزيد طوله على 500 مليون سنة ضوئية ويبلغ عرضه 200 مليون سنة ضوئية وسمكه حوالي 15 مليون سنة ضوئية ويحتوي هذا الحائط الذي سمى " بالسور العظيم " على عدد من الفجوات الهائلة
وقد أدت هذه الاكتشافات المتتالية إلى الاعتقاد بأن الكون يتكون من فجوات أو فقاعات تقع المجرات على أطرافها مثله في ذلك مثل قطعة الإسفنج الطبيعي التي تتكون من فجوات يحيط بها جدار من الإسفنج .
ويحاول الفلكيون والفيزيائيون الآن حل لغز الفجوات أو الفروج السماوية وتفسير وجودها , والاقتراح المرشح لتفسير هذه الفروج هو ما يسمى بالمواد الباردة المظلمة . فهي تتكون من مواد لم تتكثف أو تتوهج بعد في صورة نجوم ومجرات وقد تحتوي هذه الفجوات أو الفروج ثقوبا سوداء تبتلع كل ما يقترب منها من مادة مضيئة أو غير مضيئة حتى آشعة الضوء لا تستطيع أن تقلت من جاذبيتها القوية . ولن نتعمق أكثر من ذلك في وصف طبيعة المادة الباردة المظلمة فحتى الآن لم يتمكن أحد من التأكد من كينونتها . وقد يتمكن العلم من معرفة المزيد عما تحتويه هذه الفجوات أوالفروج من مادة , كذلك من معرفة ما إذا احتوت على ثقوب سوداء أو لم تحتو عليها وذلك بدراسة أدق وأطول لحركة المجرات التي تكون حائط الفروج وما إذا كانت هذه المجرات تدور حول مراكز الفروج أو تنجذب اليها وسرعة دورانهم أو انجذابهم .
عودة إلى الآيات القرآنية
ذكرت فروج السماء في الآية : ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ) وقد فسر أكثر المفسرين ( ما لها من فروج ) بأن " ما " هنا هي " ما " النافية أي أن السماء خالية من الفروج التي تبنى بضعف أو خلل في بناء السماء .
إن العلم يقدم لنا تفسيرا آخر قائما على أن " ما " في الجملة الأخيرة وفي الآية السابقة هي اسم موصول بمعنى الذي وليست " ما " النافية وعندئذ تقرأ الآية كلها في الصيغة التعجبية الاستفهامية كالآتي : أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ؟ وأفلم ينظروا ما للسماء من فروج ؟ كذلك أن فهم الآية الكريمة على هذه النحو يتمشى أكثر مع الصيغة الاستفهامية التعجبية التي بدأت بها الآية " أفلم ينظروا " ؟
إن هذه الفروج والفجوات تساعدنا في فهم هذه الآية القرآنية بل وتبدو - والله أعلم - وكأنها هي المقصود بها في تلك الآية . والواقع أن الصيغة اللغوية للآية وكتابتها بهذا الأسلوب الذي يمكنا من فهمها على النحوين السابقين لهو آية من آيات الإعجاز اللغوي في القرآن ودليل على إمكانية تطور فهمنا لمعاني القرآن حسب قدرنا من العلم والمعرفة . فلو جاءت الآية الكريمة على النحوالتالي مثلا : ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ولم نجعل فيها فروجا ) لكان نفي وجود الفروج ولجاء الفلكي في عصرنا هذا معترضا بأن العلم قد أثبت أن للسماء فروجا فما بال القرآن ينفي ذلك ؟ ولو ذكرت نفس الآية في صيغة الإثبات أي ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وكيف جعلنا فيها فروجا ) لتعجب البدوي بل كل ناظر للسماء بعينين مجردتين ليرى سماء زرقاء متجانسة متكاملة نهارا وسماء مظلمة في كل جانب ليلا إلا من المصابيح التي تزينها في كل مكان , ولتساءل عندئذ في حيرة! إني لا أرى إلا سماء جميلة متكاملة فأين هي الفروج ؟
فذكر الآية على النحو الذي جاءت عليه يمكن كل قارئ في كل زمان ومكان ومهما اختلفت ثقافته وخلفيته من فهم الآية الكريمة تبعا لهذه الثقافة وهذه الخلفية وفي سهولة ويسر , فمن لا يرى فروجا في السماء ولا يعلم بوجودها سوف يقرأ الآية معتبرا أن " ما " هي " ما " النافية فيتمشى ذلك مع رؤيته وعلمه , ومن رأى فروج السماء أو عرف بوجودها سوف يقرأها معتبرا أن " ما " هي " ما " التعجبية فيتمشى ذلك مع مقدرا ما أحاطه الله به م علم وما استطاع أنيرى بعينيه .
فسبحان الذي أنزل هذا القرآن " وبالحق أنزلناه وبالحق نزل " وصدق الحكيم العظيم عندما قال " ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ".


الفلكي المؤمن - ظاهرة الفجر القطبي 9


الفلكي المؤمن - ظاهرة الفجر القطبي 9






طاقة ضوئية تفتح وسط السماء ليلا , وتبدد الظلام بضوء ساطع جذاب وتظهر هذه الظاهرة الكونية قريبا من خط عرض 40 درجة شمالا أو جنوبا .
ومن فضل الله على الناس أن بعض الأشعة الكونية الحارقة , ربما دنت من سطح الأرض على هيئة " دخّات " فكل مرتفع من الأرض أو شجر نام , أو حشائش طويلة أو قصيرة تعمل على تفريغ هذه الشحنات أولا بأول وألا حدثت الصواعق والنيران . بل إن كل ما في الأرض يدافع عنها كالجنود مثل قباب المآذن , والمباني المرتفعة ومانعات الصواعق , وسواري السفن والشجر
وكثيرا ما تبدو هذه الظواهر في شكل وهج , يمكن رؤيته عندما يخيم الظلام , وأول من اكتشف هذه الظاهرة " آلمو " فلذلك تعرف فلكيا باسم نيران سانت آلمو



تتحول هذه الظواهر المخيفة إلى عجائب تثير الخيال في الشعراء ومن المعروف أن السحب فيها احتكاك , ولكن الكشف الحديث نفى ذلك , فظهر حديثا , أن العالية . شحنات سالبة , وهي الركام , والقواعد السفلى شحنات موجبة , حتى إذا لم يقو الهواء عن عزل الشحنتين حدث التفريغ على هيئة البرق فيحدث تمددا سريعا في الجو , وفي هذه الظواهر يشير القرآن الكريم في سورة النور ( ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخردج من خلاله , وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ) وما الرعد إلا صوت الهواء المتمدد , وعندما يحدث التفريغ بين السحابة والأجسام المرتفعة على الأرض يسمى الصاعقة وتقتل من تباغته . قال تعالى : ( إنا زينا السماء بزينة الكواكب , وحفظا من كل شيطان مارد ) الصافات - يتألف الغلاف الجوي للشمس من جسيمات مشحونة , بروتونات وإلكترونات , وهي على الفضاء على شكل رياح شمسية , إلا أن الحقل المغناطيسي القوي حول الأرض يحرفها ويكثفها عند قطبي الأرض المغناطيسيين وتصطدم بجزيئات الأكسجين والنتروجين الأرضية وتنتج أضواء حمراء وخضراء وزرقاء تدعى الشفق القطبي Aurora ويحصل ظهور الشفق القطبي على ارتفاع 70 ميلا أو أكثر عن سطح الأرض في غلافها الجوي الأعلى . ويمكن رؤيته من على ارتفاعات كبيرة . وهكذا فإن الحقول المغناطيسية للغلاف الجوي الأرضي تحمي الأرض من جسيمات الشمس المؤذية .
الحافظ هو الله


تحتمي الأرض بمجالها المغناطيسي الذي يعمل على إبعاد الشحنات الكهربائية التي تصلها من خلال الأشعة الكونية تلك , ومن خلال فورانات الشمس بدفقات هائلة , إذ يحرفها المجال المغناطيسي الأرضيّ , ويجعل هذه الشحنات الكهربائية ترتفع لتدور على ارتفاعات عالية جدا تبلغ ( 4000 ) كيلو متر وأكثر من أحزمة مشحونة , وتدعي هذه " أحزمة فان ألن " نسبة إلى مكتشفها عام 1958م .. ولولا هذا الحفظ الذي قضاه الله بأمره لأمره لسقطت علينا تلك الشحنات الكهربائية صواعق محرقة لا تبقي ولا تذر .. فانظر إلى آثار رحمة الله كيف قضى بأمره أن يحفظنا من أمره .. ولكم من الأمرين تقدير , وكل شيء عنده بمقدار .. وفي هذا نفهم قوله تعالى : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمره الله ) الرعد : 11
ذلك لأن سياق الآيات دال على أن الحفظ هو من أمر الله الواجب لضرورة أخرى , إذ يوحي النصّ بهذا الفهم من خلال ما ورد قبلها , وما ورد بعدها .. فقرأ : ( هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال * ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ) الرعد : 12 : 13


الفلكي المؤمن - طي السماء و الأرض 8


الفلكي المؤمن - طي السماء و الأرض 8








قال تعالى : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) أية كريمة تعيد على مسامعنا وعلى تصورنا موضوع بدأ الخلق ونهايته إلى أهمية هذا الحدث في وجودنا وفي وجود الكون كله .والمعنى العام الذي نفهمه هنا من بدء الخلق هو بدء خلق الكون بكل ما فيه , مما نراه بأعيننا المجردة ومما لا نراه حتى بأقوى التلسكوبات والميكروسكوبات وربما لن نستطيع أن نراه , ومما نعلمه بعلمنا وتوصلنا إليه بمنطقنا وبحساباتنا ومما لا نعلمه بهذا العلم وقد يظل سرا من أسرار الخالق والخلق , فهذا هو المعنى العام لبدء الخلق وهو المعنى الذي نفهمه من الآية الكريمة : " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين "
إن هذا الكون الذي قدرت أبعاده بنيف وعشرين بليوم سنة ضوئية وكتلته بأزيد من 10 وأمامها 55 صفرا ليبدو في يد خالقه كصحائف الكتاب في يد قارئه ! إنه تشبيه رائع يحتاج منا أن نقف أمامه نتأمله ونعيد الفكر فيه




فهو يخبرنا أولا : أنه مهما اتسع الكون وكثرت محتوياته وثقل وزنه فهو لن يكبر أو يستعصي على خالقه بل سيطويه في سهولة ويسر كما يطوي صاحب السجل صحائفه ويؤكد لنا العزيز القدير هذه الحقيقة في آية أخرى بقوله إن ذلك على الله يسير .. " ألم يروا كيف يُبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير " وفي آية أخرى " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض "
ويشبه لنا ثانيا : الكون بالصحائف المستوية , وقد يكون الكون مستويا فعلا وهي الحالة بين الكون المنغلق والمنفتح عندما تكون كثافة الكون تساوي الكثافة الحرجة وهذا ما يرجحه كثير من الفلكيين . وقد يبدو لنا مستويا - وإن كان حقيقة غير ذلك - بسبب عظمة حجمة وضخامته كما بدت الأرض لسكانها مستوية حتى اكتشفوا أنها كروية . وهنا نرى مدى قرب تشبيه الكون لصفحات السجل , استواء نراه في الكون من كل جانب حتى يخيل لنا أنه فعلا مستويا - وقد يكون كذلك - لا ستواء الصحائف .
ويربط أذهاننا ثالثا : بعملية إنكماش الكون وإنهيار فتشبيه طي الكون بطي الصحائف لهو تشبيه تفوق روعته أي وصف ولا يمكن أن يصدر إلا من الحكيم العليم الذي خلق هذا الكون . فبعد تمدد الكون واتساعه إلى ما هو عليه الآن - أو إلى ما سوف يصبح عليه في المستقبل - يطوي الخالق هذا الكون بكل ما فيه فيعود هذا الشيء الذي كبر واستع إلى ما كان عليه . وكأننا نشاهد أمام أعيننا فيلما معكوسا لتمدد الكون نرى نجومه في اقتراب مستمر ونرى مجراته تنضغط وتكبس ويصغر حجمها والكون ينطوي إلى ما كان عليه . ثم يجئ بعد ذلك التأكيد أنه هكذا بدأ الكون وهكذا سينتهي إلى ما كان عليه في البداية " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين " فقد كان هذا هو قرار الخالق قبل نشأة الكون أنه يعيده في يوم من الأيام إلى ما كان عليه في البداية إلى نقط لا نهائية الكثافة ودرجة الحرارة أو إلى شيء آخر لا يعلمه إلا هو
إن عملية إنكماش الكون وإنهيار على نفسه هذا الانهيار الهائل إلى نقطة بدايته لهو أقرب تفسير يستطيع العلم أن يقدمه حاليا لطي الكون أو طي السماء إلى ما كانت عليه في بداية الخلق ومع ذلك فهناك بعض الملاحظات التي يجب أن نأخذها في الاعتبار:
الأولى : التعبير العلمي أو الإنساني لعملية الإنكماش الذي يتبعه إنهيار هائل هو إنعكاس لما يراه أو يتصوره الإنسان في هذا الحدث الهائل من قوة وعنف تفوق مقدرته وطاقاته بل وخياله - كمخلوق فوق هذا الكوكب الذي هو أحد الكواكب التابعة للشمس التي تعتبر واحدة من بلايين النجوم التي تقع في أحد أجنحة مجرة هي واحدة من بلايين المجرات في هذا الكون ! - عندما يحاول وصف نهاية هذا الكون وما يحتويه.
ومن ناحية أخرى نرى في التعبير القرآني لطي السماء أو الكون هدوء يعكس مقدرة الخالق المقتدر الذي يصدر منه هذا الحديث فنهاية الكون كله بالنسبة إليه ليس بأكثر من عمل سهل هين نقوم به نحن كل يوم ألا وهو طي بعض الصحف ليس فيه عناء على الخالق كما لا يسبب طيّ الصحف أي عناء لنا .
الثانية : إذا كان انتهاء الكون حسب التفسير العلمي بإنكماشه ثم إنهياره يساعدنا في فهم الآية الكريمة وفي تفسير طي السماء الآن وإعادة الكون إلى ما بدأ منه , بل الأكثر من ذلك نجد فيه إتفاقا كبيرا مع النص القرآني فليس معنى ذلك أن هذا هو التفسير الوحيد للآية الكريمة , فالطيّ الإلهي للكون ممكن أن يتخذ صورة نموذج الإنكماش والانهيار وممكن أن يتم بصورة أخرى قد نعلمها وقد لا نعلمها .
كذلك الزمن الذي تستغرقه عملية الطيّ ممكن أن يكون هو نفس الزمن الذي تستغرقه عملية الإنكماش والانهيار ونفس الزمن الذي استغرقته عملية التمدد والاتساع أي حوالي خمسة عشر بليون عاما وقد يكون أطول من ذلك أو أقل وقد يتم في أقل من لمح البصر " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " فالكون - أو إن شئت سمه الفضاء والزمن - هما مخلوقان مما خلق الله ولن يستنكف أي منهما أن يؤدي مراسيم الطاعة والولاء الكاملين لخالقهما . فالذي خلق السماوات قادر على أن يعيد خلقهن أو أن يخلق مثلهن في نفس الصورة أو في صورة مختلفة في نفس الزمن أو زمن آخر " أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العظيم " فلا بد لنا من أن نعطى الخالق - الذي خلق هذا الكون والذي سيطويه كما يطوي خازن الصحائف صحائفه في سهولة ويسر - حق قدره " وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون .






الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

الفلكي المؤمن - دوامات سماوية 7


الفلكي المؤمن - دوامات سماوية 7







كما أنه يوجد في مياه البحار والمحيطات دوامات ربما تبتلع السفن وكما وجد أيضا في الأعاصير هذه الدوامات فقد وجد في أقاصي الكون مثل هذه الدوامات .
وقد سموه عندما رأوه بأشعة أكس " الثقب الأسود " , ورأوا كثيرا من الثقوب السوداء في انحاء الكون , ووجدوا أن أشعة أكس تنبعث من الغازات الحارة التي تكون خارج هذه الدوامة الكونية أو ما يسمونه " الثقب الأسود"






وهذا الثقب أو الدوامة الكونية ما اقترب منها جسم ا إلا ابتلعته وفي هذا البلع الكوني تحدث بعض
مظاهر فإنه عندما تبدأ عملية البلع بشكل الغاز
فرصا يدور سريعا حول الثقب , وتصطدم ذرات
الغاز الواحدة بالأخرى بكثرة وعنف , ونتيجة هذه التفاعلات ترتفع درجة الحرارة إلى أكثر من مائة مليون
درجة مئوية فيولد هذا الاصطدام الذرات العنيفة التي تحدث أشعة أكس والدوامة الكونية أو الثقب الأسود توجد في مراكز المجرات بما فيها مجرتنا وهذه الثقوب السوداء , أو الدوامات الكونية : قد تصطدم في جريانها السريع بدوامة أخرى فيندمجا وتصبح كتلتهما وكثافتهما أكبر بمدى بلايين الأعوام هناك في الفضاء الكوني البعيد أجرام سماوية عديدة يعتقد علماء الفلك أنها ثقوب سوداء , وقد تسمى بعض النجوم باسم الثقب الأسود وقد رشح الفلكيون النجم المسمى سيجوس& Cyguss x -1 وهو غير مرئي أن يكون دوامة كونية أو ثقبا أسود وهو غير مرئي , ويرون أنه يمارس جذبا قويا بالنجم قريب منه , ولعله لا يقدر عليه لا حتوائه داخله كما يفعل في النجوم الأخرى
عند قراءاتي لهذا البحث الشيق الفلكي , تذكرت قوله تعالى في سورة التكوير ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) يبين الله سبحانه وتعالى بعض وظائف كواكب معينه , سماها " الخنس " أي التي تخنس في سيرها , تختفي وتظهر أحيانا ضئيلة , وتجرى لتكنس كواكب آخرى .